تكشف الأحكام الجزائية الواردة في مشروع قانون المرور الجديد عن تشدد غير مسبوق في التعامل مع الجرائم المرورية، وذلك من خلال إدراج عقوبات قصوى تصل إلى عشرين (20) سنة حبسا وفرض غرامات قد تبلغ مليوني دينار جزائري في أخطر المخالفات. ويهدف هذا التوجه إلى مواجهة ما وصفته السلطات بـ “إرهاب الطرقات” عبر منظومة قانونية أكثر حزماً وشمولاً.
تصنيف جديد للجرائم وتوسيع نطاق المسؤولية
يعتمد المشروع مقاربة حديثة تقوم على تصنيف الجرائم المرورية إلى مخالفات وجنح وجنايات، مع توسيع المسؤولية الجنائية لتشمل جهات أخرى غير السائق، مثل مهنيي النقل، خبراء المراقبة التقنية، مهندسي الطرقات، وصناع قطع الغيار.
تشديد العقوبات على السائقين المهنيين والسلوكيات المتهورة
يركز المشروع بشكل كبير على ردع المخالفات الخطيرة المرتبطة بمهن النقل، حيث تُشدد العقوبات في حوادث القتل الخطأ أو الجرح الخطأ عند ارتكابها بواسطة:
مركبات الوزن الثقيل
مركبات النقل الجماعي
مركبات نقل المواد الخطرة
كما يجرّم القانون السرعة المفرطة، المناورات الخطيرة، والقيادة دون تشغيل جهاز تسجيل السرعة (الميقت) في المركبات الثقيلة، مع فرض غرامات تصل إلى 300 ألف دينار وتعليق رخصة السياقة.
ولأول مرة، تُدرج الملاحقة القضائية للسائقين الذين يستعملون الهاتف يدوياً أو سماعات الأذن في كلتا الأذنين أثناء السياقة ضمن النصوص الجنائية.
مساءلة خبراء المراقبة ومهندسي الطرقات
يشكل المشروع انتقالاً نوعياً في تحديد المسؤوليات، إذ لم يعد السائق وحده في دائرة الاتهام. فقد شمل القانون:
خبراء المراقبة التقنية وكل من يقدم تقارير مزيفة أو يخفي عيوب المركبات، حيث قد تصل العقوبة إلى 5 سنوات سجناً وغرامة 500 ألف دينار في حال تسبب الغش في وقوع حادث.
المكلفين بإنجاز الطرق وصيانتها عند ثبوت تسببهم في حوادث بسبب الإهمال أو سوء الأشغال.
مصنّعي ومستوردي وبائعي قطع الغيار المغشوشة التي تساهم في وقوع الحوادث.
مصادرة المركبات وإلغاء الرخصة نهائياً
إلى جانب العقوبات الأصلية، تضمن المشروع عقوبات تكميلية رادعة، منها:
مصادرة المركبة في جرائم القتل الخطأ، مع إلزامية المصادرة في بعض الحالات.
الإلغاء النهائي لرخصة السياقة، حيث لا يمكن للشخص طلب رخصة جديدة إلا بعد مرور خمس سنوات.
إخضاع السائقين لفحوص طبية ونفسية لتقييم كفاءتهم البدنية والعقلية للقيادة.
كما أعاد المشروع تصنيف مخالفات السرعة والتوقف والوقوف غير القانوني ضمن أربع درجات، مع فرض غرامات جزافية أعلى من السابق.
خطوة قوية لإعادة الانضباط إلى الطرقات
يمثل مشروع قانون المرور الجديد رسالة واضحة وصارمة لكل مستعملي الطريق، بإعادة هيكلة شاملة للردع القانوني ووضع حد للسلوكيات الخطيرة التي تحصد الأرواح يومياً. وتعتبر هذه التعديلات خطوة نحو منظومة مرور أكثر أماناً وشمولاً، تستهدف السائقين والمهنيين وكل المتدخلين في سلسلة السلامة المرورية.